من عمق دوار بئر الشحم التابع لجماعة سيدي شيكر بإقليم اليوسفية، وُلد عبد الحليم بلفقير سنة 1999، ليشق طريقه نحو عوالم المسرح والدراما بإصرار الفنان الطموح، متحديًا واقعًا قرويًا بسيطًا، ومؤمنًا بأن للفن رسالة وقيمة لا تُقدّر بثمن.
في سن الثالثة عشر، انتقل بلفقير إلى مدينة الشماعية لمتابعة دراسته الإعدادية والثانوية، بعد حصوله على الشهادة الابتدائية، وهناك بدأ أولى خطواته في المسرح المدرسي سنة 2015، مغروسًا في تربة دار الشباب الشماعية، حيث وجد في جدرانها مأوى لشغفه الفني، قبل أن يحتضنه فضاء دار الشباب عرصة الحامض، مولاي بوعزة، الحي المحمدي وسيدي يوسف بن علي.
نال عبد الحليم شهادة البكالوريا سنة 2019، ليلتحق بجامعة القاضي عياض، حيث اختار دراسة الفلسفة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش، متابعًا مساره الأكاديمي إلى غاية سلك الماستر، دون أن يتوقف عن العطاء المسرحي، بل مزج بين الفكر والفن ليكوّن لنفسه شخصية فنية وفكرية متكاملة.
في فضاءات المسرح الجامعي، خصوصًا بكلية العلوم السملالية وكلية الآداب بمراكش، طور عبد الحليم تجربته المسرحية، مدعومًا بتكوينات من مؤسسات رائدة كجمعية إيسيل، المركز الثقافي الداوديات، ومركز نجوم جامع الفنا التابع لمؤسسة علي زاوا.
بدأت رحلته الاحترافية على خشبة المسرح سنة 2020 بمسرحية “خروج” في دور الفقيه الجار، ثم كمساعد تقني في مسرحية “باي باي جيلو” سنة 2021، لتتوالى بعدها مشاركاته في أعمال مسرحية وازنة مثل “أنا ماشي حمار”، و**”أشيلوس، تراجيديا سيزيف وأنتيغون”**، قبل أن يجسد دور “عسو” في عمله الأخير “النكشة”.




لم يقتصر عطاؤه على المسرح فقط، فقد شارك في عدة أعمال درامية وسينمائية بأدوار ثانوية من بينها: “اللبؤة”، “لي ريتارد”، “مسلسل الوعد” و**”عيسى”**، بالإضافة إلى ظهوره في فيديو كليب للرابور “فلاك”.





كما حمل عبد الحليم شعلة “النوستالجيا” من خلال مشاركته في عروض مسرحية تستحضر عبق التاريخ مثل “نوستالجيا قصر الباهية”، “نوستالجيا قصر البديع” و**”نوستالجيا أكادير أوفلا”**، ليجمع بين الجمالية الفنية والحنين إلى الذاكرة المغربية.








اليوم، لا يكتفي عبد الحليم بلفقير بدوره كممثل، بل يعمل أستاذًا لورشة المسرح بمحترف الفنون الدرامية التابع لنادي الفلسفة، العلم والثقافة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش، ساعيًّا إلى نقل خبرته لجيل جديد من محبي أب الفنون.


رحلة عبد الحليم بلفقير تؤكد أن الإبداع لا يعترف بالمكان ولا بالظروف، بل بالإرادة، والعمل، والحب الذي يمنحه الفنان لفنه، وللرسالة التي يحملها على خشبة الحياة.
محمد علي السراج
